تعتبر هذه من أنجح الخدع التي يتم استخدامها لتظليل الجماهير.
أقرب مثال على ذلك هو هذا الموقع الذي هو حصيلة جهود مضنية بُذلت في سبيل جمع عدد
كبير جداً من المعلومات المبعثرة هنا وهناك حتى أصبح لدينا صورة كامل متكاملة لما
يجري
بالضبط. إن معظم المعلومات الموجودة في الموقع هي في الحقيقة منشورة أمام
الجميع، لكن بشكل مجزّأ دون وجود أي صلة أو ترابط يجمع بينها. وما أن بدأت بجمع
هذه القطع المتناثرة والمبعثرة في كل مكان ستخرج بحقيقة مختلفة تماماً عن الذي
يألفها الجميع. والأمر الأهم لا يقتصر هنا، بل يتجاوزه إلى حيث يفاجئنا جميعاً.
فالحقائق المجزّأة والمبعثرة في كل مكان، لو جمعتها في مكان واحد ستبدو أكثر بكثير
من الحقائق التي جمعوها في المناهج التعليمية من أجل إثبات نظرية معيّنة. مثلاً:
الحقائق المبعثرة التي تثبت حقيقة أن الكرة الأرضية هي مجوّفة (مفرغة من الداخل)
عددها أكثر من الحقائق التي تثبت حقيقة أن الأرض صلبة (غير مفرغة من الداخل).
وكذلك، الحقائق المبعثرة التي تثبت وجود حضارات متطورة جداً ازدهرت قبل
التاريخ المكتوب بآلاف السنين عددها هو أكثر من الحقائق التي تثبت حقيقة الإنسان
المتوحّش الذي خرج من الكهوف ليبني حضارة من نقطة الصفر. المسألة هي مسألة إعلام وتربية
وتعليم، وبما أن وسائل الإعلام وكذلك المؤسسات التعليمية هي تحت سيطرتهم المباشرة،
فبالتالي لديهم القدرة على التلاعب بالحقائق كما يشاؤون ويرغبون. يبعثرون ما لا
يريدونه، ويجمعون ما يريدونه ليصنعوا منه منهجاً قائماً بذاته
بقلم الدكتور علاء الحلبي
