جورج لكوفسكي Georges Lakhovsky

0


بقلم علاء الحلبي 


هناك باحث و مفكّر لامع آخر هو المهندس الروسي الأصل جورج لكوفسكي Gorge Lakhovsky. لقد قدّم لكوفسكي نظرية تقول بأنّ الخيوط الجينية موجودة ضمن نواة الخلية الحيّة والتي تعمل عمل الملف (الوشيعة) حيث يبدي كل خاصيات مولد الترددات (التحريض، السعة، المقاومة). ولقد افترض لكوفسكي جدلاً بأنّ جميع الخلايا الحيّة بما في ذلك الأعضاء المرضية (المرض) تستطيع أن تعمل كناشر ومُستقبل لإهتزازات عالية التواتر.


تبعاً لنظريته ، تعتمد حالة المرض أو الصحّة على كون الاهتزازات الصادرة من الخلايا غير المريضة هي متزنة وقادرة على المحافظة على هذا الاتزان أو تتم مهاجمة ذلك الاتزان باهتزازات الخلايا المسببة للمرض (عدم الاتزان). و وجد أنّه بالإمكان معاونة وإنعاش مستوى اهتزاز الخلايا الضعيفة والتغلب على المرض وذلك بوصل مجسٍّ على شكل ملف (وشيعة) بسيطة بالمنطقة المصابة. ولقد أشار لكوفسكي إلى هذا المجس بكونه عبارة عن مولد تيارات اهتزازية وقد تمّ استعمالها من قبل المرضى عن طريق إرتدائها على شكل ياقات و أطواق أو أحزمة حول الخصر، أو حتى على شكل أساور حول المعصم . و أدّعى بأنّ هذا المجس يلتقط أمواج متجانسة مصدرها الكون . ويقوم بتركيزها (أمواج كونية) على المنطقة المصابة فتتناغم اهتزازاتها مع التواتر الأساسي للخليّة الضعيفة.

كلّما تمّ إدخال طاقة اهتزازية إضافية (من الأمواج الكونية) والتي لها التواتر ذاته مع دارة اهتزازية (نواة الخلايا) ، كلما أصبحت الاهتزازات في تلك الخلايا أقوى من خلال ظاهرة فيزيائية تدعى "الرنين" Resonanse. تبعاً لـ لكوفسكي فإنّ الاهتزازات الجديدة (التي تزايدت قوّتها) الصادرة من الخلايا المريضة للإنسان تستطيع أن تسيطر على اهتزازات الأجسام المسببّة للمرض حيث تقوم بتقليصها وإضعاف قوّتها حتى تتلاشى تدريجياً.

أقام لخوفسكي اختبارات على النبتات وذلك في عام 1924، و كان غرضه إقامة الدليل والبرهان على نظريته. لقد قام بتطعيم نباتات موضوعة في أوعية نباتات تسبب أوراماً سرطانية. و كانت النتيجة ناجحة بامتياز حيث قامت النبتة بسلخ النمو السرطاني ونمت كنبتة صامدة و صحية. لقد حقق لكوفسكي نجاحاً مماثلاً عندما تمّ استخدام هذه المجسّات (التيارات المهتزّة السابقة الذكر) على الإنسان والحيوان. ليتوسّع لاحقاً في أبحاثه حتى وصل لتطوير مولّد طنين متعدد الموجات Multi-Wave Oscillator.

مولّد لكوفسكي المتعدد الموجات



 أوّل نموذج لجهاز لاكوفسكي متعدد الموجات

نشر لاكوفسكي كتاباً شديد الأهميّة باللغة الفرنسيّة، الألمانية، الإيطالية والأسبانية وذلك في العشرينات من القرن الماضي تحت عنوان (أسرار الحياة) The Secret of life لكن لسوء الحظ لم يكن متوافراً باللغة الإنكليزية حتى آب 1939 في فترة نشوب الحرب العالمية الثانية، منشغلاً بمآسي الحرب المتصاعدة، مضى الكتاب دون أن تتمّ ملاحظته أو حتى مراجعته لكن الفضل يعود إلى الدكتور بوب بيك Dr. Bob Beck الذي كما يفعل العديد من الباحثون اليوم قام بإعادة اكتشاف مولّد لاكوفسكي المتعدد الموجات . إنّ هذا الجهاز يُنشئ مدى عريض من الإشارات النابضة العالية التواتر والتي تُشعُّ طاقة عبر المريض من خلال زوج من المرنانات، مرنان يعمل عمل المستقبل والآخر يعمل عمل المرسل. يجلس المريض على مقعد خشبي موضوع بين جهازي رنين فيتعرّض للطاقة مترددة منها لمدة 15 دقيقة. هذه الطاقة المنبثقة تزيد من تردد الخلايا الصحيّة و بنفس الوقت تسبب اختلال في تكوين الأجسام الحيّة المسببة للمرض. أحدثت اكتشافاته إثارة كبيرة في أوروبا حيث انتشر صيته بسرعة كبيرة.



البثور السرطانية قبل وبعد معالجتها بجهاز لاكوفسكي


بعد فترة قليلة، راحت إنجازات جهازه العجيب تمنحه سمعة على المستوى العالمي. في العام 1941م، كان قد شق طريقه إلى نيويورك، الولايات المتحدة، هرباً من الاحتلال النازي لفرنسا. يذكر "مارك كليمنت" في كتابه الذي بعنوان "الموجات التي تشفي" The Waves that Heal كيف كانت تنهال العروض على لاكوفسكي من قبل الشخصيات و المنظمات المختلفة التي رغبت في استثمار علاجه الجديد عن طريق تمويل صناعة الجهاز. و قد تم إنتاج فيلم وثائقي في تلك الفترة (على يد طبيب تجميل) و ورد فيه الكثير من إنجازات جهاز لاكوفسكي و نتائج علاجاته المقنعة و المشجّعة. و قد جاءه عروض كثيرة من العديد من مستشفيات نيويورك آملين أن يختبرون جهازه العجيب. و قد حقق نتائج ممتازة من خلال فترة اختبار مدتها سبعة أسابيع في إحدى مستشفيات نيويورك الرئيسية. بالإضافة إلى الاختبارات التي أقامها أحد أبرز المتخصصين في علم البول والمقيم في بروكلين. و الطبعات الجديدة من كتاب "أسرار الحياة" احتوت على الكثير من هذه الإنجازات الجديدة.

ما كان يعتبر تطوّر كبير و وثبة عملاقة في مجال العلاج من خلال "المولّد متعدد الموجات" قد تلاشى و اندثر بعد أن مات لاكوفسكي بشكل مفاجئ و غير متوقع عام 1942م في نيويورك، حيث صدمته سيارة بينما كان يسير في الشارع! كان حينها في الثالثة و السبعين من عمره. بعد وفاته مباشرة، تم نزع جميع أجهزته من المستشفيات و قيل للمرضى المراجعين بأن العلاج لم يعد متوفر. باستثناء هذا الاختبار الموجز الذي أقيم في نيويورك، بقيت أعمال لاكوفسكي مجهولة تماماً بين الجمهور الأمريكي. حتى النتائج الاستثنائية التي حققها في نيويورك قد تعرضت للنسيان بسرعة، كما هي الحال دائماً. يبدو أن الأيادي الخفية قد عملت عملها في محو لاكوفسكي و وسيلته العلاجية، ليس من ذاكرة الشعوب فقط، بل من ذاكرة التاريخ أيضاً.

الدكتور "بوب بيك" ينقذ جهاز لاكوفسكي من الإهمال


في بداية الستينات من القرن الماضي، وجد الدكتور "بوب بيك" نموذجاً أصلياً لجهاز لوكوفسكي المتعدد الموجات في مخزن أرضي تابع لإحدى مستشفيات العامة بكاليفورنيا الجنوبية . قام بتفكيكها و دراستها بالتفصيل، ثم نشر نتائج أبحاثه مع شروحات تفصيلية ، على شكل سلسلة مقالات موزعة من قبل دار "بوردلاندز" Borderlands للنشر و التوزيع ، ذلك فيالعام 1964م. بعد نشر هذه المقالات ، بدأت تظهر في أنحاء البلاد ابتكارات مماثلة لهذا الجهاز وتعتمد على نفس المبدأ ، وراحت القصة تنتشر بسرعة وعلى نطاق واسع.


أجلس على هذه الكرسي و سوف تشفى من جميع الأمراض

اثنان من المخترعين الذين قاموا ببناء أحد النماذج ( بالاعتماد على المعلومات التي احتوتها مقالات الدكتور )، يعيشان في الساحل الغربي، راحوا يصنعون أجهزة مماثلة و يبيعونها في الأسواق. و يبدو أن هذه الأجهزة نجحت في علاج المرضى، حيث أن إدارة الأدوية الفدرالية FDA علمت بهذا الموضوع الذي نال اهتمامها، خاصة بعد ازدياد شهرتها السريع و الواسع ، فطلبوا من الدكتور "بيك" أن يأتي إلى واشنطن في الحال . و طلب من مصنعي الجهاز أن يتوقفا عن بيعه و الإعلان عنه و سحبه من الأسواق ... أمروهم أن ينفذوا ما طلب منهم بسرعة.. و إلا!!!

لم يجد الدكتور بيك سبيلاً سوى إطاعة الأوامر ، و كذلك أحد صانعي الجهاز (اسمه "أد سكيلينغز"). أما المصنّع الآخر، الذي كان اسمه "رالف بيرغسترسر"، فقد كان عنيداً و تابع عمله في صناعة الجهاز، لكنه قام بعمل لم يأتي في بال أحد، حيث أسّس كنيسة و جمع حوله عدد كبير من الأتباع مكرسين لعبادة هذا الجهاز !!.. نعم يا سيدي .. إن ما قرأته صحيح. و لمدة سنتين تقريباً، كان الأتباع يأتون إلى الكنيسة و يجتمعون حول هذا الجهاز "المقدّس" ( الموضوع على قاعدة عالية ) و يعبدونه مقابل الحصول على الترددات الشافية ( المباركة) التي كانت تنبثق منه. لكن هذا في الحقيقة ساعد في شفاء المرضى بشكل فعّال، رغم الطقوس المشينة التي أقيمت في هذا السبيل. بقيت الحال كذلك إلى أن أطبق رجال التحقيق الفدرالي على رجل الدين الجديد و وضعته في السجن و تمت مصادرة هذا الجهاز. لكنه خرج من السجن بعد سنتين، و استمرّ في صنع و بيع هذا الجهاز، لكن من خلال قنوات سرية جداً. و معظم الأجهزة الموجودة اليوم تعتمد على النموذج الذي ابتكره "أد سكيلينغر". قد يتساءل الشخص أحياناً : لماذا لا يخصصون جائزة نوبل لهذا النوع من الناس؟.
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © ملفات غامضة

تصميم الورشه